القلق والتوتر هو مرض العصر، وهو شعور يحس به كل البشر ولو لدقائق معدودة، فالقلق هو ذلك الشعور الذي ينتاب الشخص أثناء الخوف والإحساس بالخطر، وهو حالة توجس بشأن حدث محتمل أو غير مؤكد. ما هي أسباب القلق والتوتر؟ وكيفية التخلص منه؟
أسباب القلق والتوتر
بما أن القلق يعتبر من أمراض العصر، مما يعني أن معظم الناس في زمننا هذا مصابون به، لهذا سأتطرق في هذه الفقرة من هذا المقال إلى توضيح العديد من من الأسباب التي تؤدي إلى هذه الحالة النفسية، والتي هي كما يلي:
نمط الحياة الغير الصحي
لقد تغير كل شيء في هذا الزمان حتى صار القلق والتوتر منتشرا فيما بين الناس، حتى صارت أبسط الأشياء تسبب التوتر الحاد، فمثلا إذا كان النوم بطريقة غلط فإنه يؤدي إلى الإحساس بالقلق، وحتى الأكل الغلط هو الآخر قد يؤثر على النفس، عموما فنظام الحياة الغير الصحي له تأثير سلبي على النفسية مما يزيد نسبة التوتر عند الشخص.
الضغوطات المادية
في وقتنا الحاضر وخصوصا زمننا هذا الذي أصبح زمن المادة، فإنه قليل ما نجد شخصا لا يعاني من الضغوطات المادية، كما أن هواجس الخوف من الغد تجعل الناس يعيشون بقلق وتوتر دائم، وينسون العيش في الحاضر بسلام، كما أن كثرة متطلبات الحياة بالإضافة إلى غلاء الأسعار جعل الناس في كل أنحاء العالم يعيشون في دوامة القلق.
عموما فإن الخوف من المستقبل المالي صار من بين أهم الأسباب التي تساهم في ظاهرة القلق والتوتر بين الناس.
مشاكل العلاقات الشخصية
عندما نقول العلاقات الشخصيه فهذا يعني انها تتضمن العديد من العلاقات، كالعلاقات الزوجية، العلاقات العائلية والعلاقات بين الأصدقاء في العمل في المدرسة...الخ. هذه العلاقات بجميع أنواعها هي جزء من حياة الإنسان، فإذا كانت علاقات ناجحة وهادفة فإنها تؤثر إيجابا على أصحابها، أما أذا كانت علاقات سامة، فإنها ستكون سببا في إثارة القلق والتوتر، فمثلا إذا كانت أحد الطرفين في العلاقة الزوجية شخصية نرجسية، عندها ستعمل على جعل شريكها يعيش الرعب والقلق والتوتر.
أما إذا أردنا التكلم عن العلاقات في العمل فقد يكون أحد أفراد هذه العلاقة شخصية سامة مثلا، وهذا النوع من الشخصيات كلنا نتنجب التعامل معها، نظرا لما تسببه من أضرار نفسية والتي من بينها القلق والتوتر.
إن المشاكل لا تقتصر على الكبار فقط بل ممكن أن يعاني منها حتى الصغار، ومن بين المشاكل التي تكون سببا للقلق والتوتر في حياة الاطفال والتلاميذ هو مشكل التنمر، هذا الأخير ممكن أن يسبب أمراضا نفسية للطفل كالإكتئاب مثلا.
التغيرات المفاجئة في الحياة
حيث أن هذه التغيرات يمكن أن تتجلى مثلا في فقدان عزيز أو قريب، فضروري أن يسود القلق والتوتر في هذه الحالة. كما أن الطلاق يمكن أن يسبب حالة نفسية كئيبة لكلا الطرفين أو على الأقل لأحدهما، وحتى العلاقات الزوجية التي يكون فيها أحد الطرفين خائنا، أو تكون مبنية على الحب من طرف واحد فقط، في حين أن الطرف المخدوع كان واثقا بأن شريكه يبادله نفس مشاعر الحب التي يحس بها، فهذه الحالات تولد الكآبة والقلق والتوتر.
ومن الأسباب الأخرى التي تقلق الشخص هي تغيير المكان أو البلد حيث أن الانسان في هذه الحالات يلزمه وقت طويل من القلق والتوتر حتى ينسجم وينصهر وسط المجتمع الجديد وخصوصا إذا كان هذا التغيير مفاجئا وبدون إستعدادٍ له.
مواقع التواصل الاجتماعي
إن العديد من الناس يملكون قنوات على مواقع التواصل الاجتماعي، فيبدأون في تصوير أنفسهم بطرق غير واقعية ويوهمون الناس بأنهم يعيشون حياة الرفاهية، فتبدأ عملية المقارنة من طرف من يتابعهم، هذه المقارنة بين المستويات الإجتماعية تخلق القلق والتوتر لمن لا يستطيع أن يشق طريق الرفاهية المزعومة.
إن الفيديوهات القصيرة المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي،تعتبر أخطر شيء يتابعه الناس، لأن هذا النوع من الفيديوهات يؤثر على كيمياء المخ وحتى على الدوبامين وتسبب مشاكل كبيرة في تشتت الإنتباه وضعف التركيز، هذه الأمور تفقد الإنسان عدم القدرة على الحوار الطويل والبناء بين الأشخاص أو ما يسمى الأخذ والرد في الكلام، لأن المخ يُبرمج على أخذ المعلومة في ظرف 30 ثانية فقط، وهنا تكمن خطورة الإدمان على الفيديوهات القصيرة.
إن مواقع التواصل الإجتماعي من الأمور الخطيرة في حياة الناس وبالأخص الأطفال والشباب، لأن أغلبهم يسيئون استخدامها ولا يعلمون أنهم يسيئون لأنفسهم اولا وقبل كل شيء وذلك يظهر في زيادة القلق والتوتر عندهم.
نصائح للسيطرة على القلق والتوتر
والآن سوف نتطرق إلى عدة نصائح فعالة في السيطرة على القلق والتوتر بنسبة كبيرة، لأنه للأسف ليس له علاج نهائي فقط يمكن أن نتحكم فيه، ولكن إذا استطعنا التحكم فيه لدرجة 80% تقريبا فإننا سنكون بخير، وستكون الصحة النفسية سوية، والعلاقات مع الناس جيدة. وفيما يلي بعض النصائح المهمة:
تقوية العلاقة بالله
إن التوكل على الله وحسن الظن به والتفاؤل، أمور مهمة جدا تساهم في تقليل التوتر والقلق، لهذا فإن تقوية العلاقة برب العالمين وأن نعيش الحياة كما أمرنا رب االسموات والأرض قدْر المستطاع، سيجعل حياتنا مليئة بالسكينة والهدوء.
الأكل الطبيعي والصحي
إن النظام الغذائي الصحي له دور في الصحة النفسية، فإذا التجأنا إلى الوجبات السريعة والوجبات المقلية و الأكل المليء بالسموم الغذائية، كل هذه الأمور لها تأثير على الجهاز العصبي وعلى زيادة القلق والتوتر لهذا يجب اعتماد تغذية سليمة متوازنة ومفيدة لكي تكون الصحة النفسية أيضا متوازنة وخالية من القلق والتوتر.
تنظيم الوقت وترتيب الأولويات
إن وضع برنامج لترتيب الأولويات شيء مهم جدا، وهذا الأمر يجب كتابته بالقلم على الورقة، لأن ترتيب الأولويات يجعلنا نحس براحة تامة في إتمام مهامنا بسلام. أما إنجاز الأعمال بفوضى وبدون ترتيبها من الأهم إلى الأقل أهمية، وتنظيم الوقت، يجعل الشخص يعيش في توتر وقلق، وهذا ما يساهم في عدم إنجاز الكثير من الأعمال المقررة وحتى إن أُُنجِزت تكون غير مُتقنة، أضف إلى هذ ضياع الوقت.
التنفس العميق
إن تمارين التنفس العميق مهمة جدا، لأنها تقلل من القلق والتوتر، حيث أن ما يميز هذه العملية هو مجانيتها، وأيضا يمكن لأي أحد كيف ما كان وضعه أو عمره أن يمارسها. وطريقتها سهلة جدا حيث يمكن للشخص أن يأخذ شهيق عميق من البطن ثم يعمل زفير بطيء، وتكرر هذه العملية عدة مرات في اليوم على قدر الامكان، فإنها تساهم في استرخاء الجسم وهدوء ضربات القلب وتقلل التوتر وأعراضه.
الحياة الاجتماعية
إن الإنسان إجتماعي بطبعه، لهذا لا يجب عليه أن يغفل عن حياته الإجتماعية، والتي تتجلى في الترابط الأسري وعلاقته مع الناس، هذه العلاقات إذا كانت جيدة فإنها تساعد الشخص على الفضفضة والتخلص من الطاقة السلبية، ومعالجة مشاكله بالحوار المفيد مع أسرته وأحبائه لوجود حلول تجعله مرتاح وتخلصه من ضغوطات الحياة التي تسبب أعراض القلق والتوتر.
الإبتعاد عن الشخصيات السامة
هناك أشخاص همهم هو زعزعة الإستقرار النفسي والصحي والإجتماعي للآخرين، فمثل هؤلاء الأشخاص يجب إبعادهم عن حياتنا وقطع العلاقة معهم إذا أمكن، وخصوصا الشخصيات النرجسية والسامة والحاسدة، فهذه الشخصيات يجب الإبتعاد عنها دائما، وإذا كان لابد من التعامل معها فيجب أن يكون التعامل معها سطحيا فقط، لأن سلامة النفس أهم من أي علاقة سامة.
خلاصة
إذا اتبعت هذه النصائح وخصوصا العلاقة الصحيحة مع الله، وحاولت التخلص من القلق ولم يحصل ما تريده، وخصوصا إذا أحسست بنوبات الهلع والرهاب الإجتماعي، عندها يجب زيارة الطبيب المتخصص أو معالج نفسي، وتعمل بعض جلسات العلاج النفسي التي تساعد في النظر للأمور بشكل مختلف ومليء بالأمل.