اضطراب ثنائي القطب أو الإضطراب الوجداني، هو اضطرابُ في كيمياء المخ والنواقل العصبية التي تؤثر على سلوك وتفكير المريض، وهذا المرض عبارة عن تغيرات مزاجية مفرطة بين الفرح المفرط والإكتئاب، أو بين الهوس والحزن، مما يجعل المرضى يعانون من حالة صعود وهبوط في الحالة المزاجية. ما هي أعراض ثنائي القطب وما هي أسبابه؟
أسباب اضطراب ثنائي القطب
لكل مرض سبب، وقد أكد بعض العلماء أنه ليس هناك سبب رئيسي وواضح لإضطراب ثنائي القطب، فهناك من قال أن سببه مجموعة من الجينات، والبعض الآخر حدد السبب في أن أدمغة المصابين بهذا المرض مختلفة في شكلها عن بنية الناس العاديين. ولكن العلماء اتفقوا على بعض العوامل والأسباب التي يمكنها أن تساهم في ظهور هذا المرض والتي من بينها:
التاريخ العائلي، حيث يكون أحد أقارب المريض عنده نفس المشكلة مثل الأبوين أو الاخوة، الأعمام والأخوال.
كما أنهم جعلوا شرب الكحوليات والمخدرات من الأسباب التي قد تساهم في ظهور اضطراب ثنائي القطب.
بالإضافة إلى هذا، فإن العلماء أيضا أكدوا أن التعرض لصدمة شديدة مثل موت عزيز او الطلاق،أو التعرض للغدر من الأهل او الأصدقاء، قد يوصل الشخص إلى الإصابة بالإضطراب الوجداني...الخ.
كما أن القلق والتوتر لهما دور في ظهور اضطراب ثنائي القطب
أعراض اضطراب ثنائي القطب
فكما نعلم أن من يعاني من اضطراب ثنائي القطب يعيش بين عالمين مختلفين ومتناقضين، فمرة يعيش في عالم الفرح بكل ماتحمله الكلمة من معنى، وبين لحظة وأخرى يمكن أن ينتقل إلى عالم الحزن، فيعيش في سوداوية ولا يفكر في المستقبل، فعلا إنه مرض خطير جدا حيث إذا ما تمت مراقبة المريض باستمرار فإنه في أي لحظة يمكنه أن ينهي حياته. وفيما يلي أعراض اضطراب ثنائي القطب أثناء مرحلة الهوس.
أعراض فترة الهوس في إضطراب ثنائي القطب
قد يعاني مرضى اضطراب ثنائي القطب من حالات الصعود والهبوط في الحالات المزاجية، مما يؤثر على الحالة اليومية عندهم بشكل واضح، وتظهر على شكل أعراض هوسية أو اِكتئابية. فما هي أعراض هذا المرض أثناء فترة الهوس؟
الفرحة الزائدة
حيث يكون مزاج مريض ثنائي القطب أثناء مرحلة الهوس سعيد بشكل غير عادي، يمكن حتى لو صارت حالة وفاة من أحد أقربائه أو أصدقائه في فترة الهوس، سترى وجهه يشع فرحا وسرورا ويمكن أن تراه يغني ويرقص في الشارع. دون أن يتأثر بحالة الحزن حوله.
الثقة المفرطة في النفس
حيث أن ثقته بنفسه تكون مبالغ فيها جدا، لدرجة أنه يتعامل مع الآخرين وكأن وجوده يمنحهم قيمة وبدونه لا قيمة لهم، وتلاحظ في طريقة كلامه تعاليا وكأنه شخصية مهمة ومسؤولة ويجب على الجميع الإستماع إليه، كما انه يتكلم عن نفسه بطريقة فوقية ومتعجرفة حتى تظنه أنه يمتلك الشخصية النرجسية. ومن فرط ثقته في نفسه يرى نفسه أنه شخصية عظيمة ومشهورة إلى درجة انه في بعض الأحيان يدَّعي النبوة.
قلة النوم
إن المصاب باضطراب ثنائي القطب قد لا ينام يومين أو ثلاثة أيام متتالية، ورغم ذلك تراه نشيطا ومرحا ويتحرك كثيرا وبسرعة، وغير متعب، لأنه لما تكون عدد ساعات النوم قليلة فإن هذا الأمر يؤثر على المخ وبالتالي تظهر تصرفات غير طبيعية في المريض كالتهور في أقواله وأفعاله.
اتخاذ قرارات سريعة ومندفعة
بسبب حالة الهوس التي يصاب بها مريض ثنائي القطب، فإننا نجده مندفعا كثيرا في أقواله، وكما قلنا سابقا أنه قد يدعي النبوة. ولكن المشكلة في الأمر أنه قد يكون مندفعا حتى في أفعاله، فتجده مثلا يتبرع بأمواله بدون حسيب أو رقيب، وحتى إذا حاول أحد من أفراد عائلته أن يوجهه أو ينبهه فإنه لن يتقبل النصيحة. كما أنه قد يدخل في مشاريع حتى لو كانت فاشلة ويستثمر فيها كل ما يملكه، وقد يترك دراسته نهائيا إذا كان طالبا لأنه حسب تفكيره هو عالم بكل شيء ويعرف كل شيء ولا يحتاج أن يتعلم. والمشكلة الكبيرة هي أنه قد يتعاطى حتى المخدرات وقد يصبح مدمنا. كما أنه قد يكثر من العلاقات العاطفية، ويعطي وعودا غير قادر في الواقع على تنفيدها.
علامات اضطراب ثنائي القطب أثناء مرحلة الإكتئاب
أما من العلامات التي تظهر خلال مرحلة اإكتئاب فهي عديدة هي الأخرى، فكما قلنا أن مريض ثنائي القطب أثناء مرحلة الهوس يطير من السعادة والزهو بنفسه، إلا أن مرحلة الإكتئاب تكون عكسية تماما وفيما يلي أهم العلامات:
النوم الكثير
فتصبح ساعة النوم طويلة جدا، عكس ما كانت عليه أثناء مرحلة الهوس، وقد يترك عمله ويبتعد عن الناس حتى يبقى نائما وحتى لو أردنا إيقاظه فإنه لن يستجيب تماما.
العزلة
إن كل ما بناه من علاقات عاطفية أو إجتماعية في مرحلة الهوس، فإنه سيلغيها تماما أثناء دخوله مرحلة الإكتئاب. فهناك أناس كانوا على بعد يومين على إقامة حفل زواجهم ولكنهم ألغوها بين عشية وضحاها، وهناك أناس تركوا عملهم وهناك من قطعوا علاقاتهم بأبنائهم وأهلهم، فمرحلة الإكتئاب تجعل المريض يكره الناس وحتى الضوء، فيفضل الجلوس في مكان مظلم.
فعلا إنها مرحلة صعبة جدا على المريض، وحتى على من يرافقه لأنه من واجبه أن يبقى مراقبا له وألا ينفك عنه، وخصوصا في مرحلة الإكتئاب لأنه قد يرتكب جرائم عديدة في نفسه كالإنتحار وحتى في حق غيره، أو أن يقوم بأفعال أخرى خطيرة كتكسير أغراض المنزل مثلا، أو إضرام النار في البيت...الخ
الإعاقة البدنية والعقلية
من الناحية البدنية يصبح مريض اضطراب ثنائي القطب غير قادر على الحركة فيظل طوال يومه وليله ملازم لسريره أو كرسيه، لدرجة حتى إن راى خطرا ما يقترب نحوه فإنه لن يتحرك.
أما الإعاقة الفكرية تتجلى في أنه يصاب بصعوبة التركيز وربما أحيانا بفقدان الذاكرة والنسيان حتى تظنه أنه مصاب بالزهايمر، فيصبح شخص فاقد للحيوية والنشاط وحتى للأمل وخصوصا أنه قد يمتنع عن الأكل لانه يكون في معظم الأحيان تفكيره مركز على كيفية إنهاء حياته.
والمشكلة في هذا الأمر أن المريض قد لا يشتكي فعلا من أي مرض عضوي، فقد يكون جسمه سليم، ولكن الأعراض التي يحس بها ليست سوى أعراضا نفسية، لأنه عندما ينتقل إلى مرحلة الهوس فإن هذه الأمراض كلها ستختفي وتبدأ مرحلة النشاط.
أعراض النوبة المختلطة
وتجمع هذه النوبة بين الهوس والإكتئاب، وهي الاخرى لها أعراض خاصة بها، فهي تتميز بالخلط بين العصبية المفرطة، الاكتئاب،التذمر وبين الكلام الكثير والنشاط المفرط، وهي من أخطر النوبات التي يصعب على الطبيب علاجها، لأنها نوبة خداعة وخبيثة ويصعب وصفها، فتتساوى أعراض الإكتئاب والهوس، فترى المريض يكون عنده مثلا إندفاع في إنشاء مشروع ما، ولكن في نفس الوقت يكون عنده يأس في نجاحه. أو انه عنده هوس في صرف الأموال يمينا وشمالا ويقوم بتبرعات خيرية ولكنه لا يحس بالمتعة. وهناك من يعمل رياضة ويمشي كثيرا ولكنه يحس بتعب شديد في جسمه. وقد أكدت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين لا تتجاوز أعمارهم 30 سنة هم الأكثر عرضة لهذه النوبة المختلطة.
خلاصة
إن ما يزيد من قوة اضطراب ثنائي القطب هو استخدام الكافيين كثيرا، كما أن عدم الإنضباط في العلاج يعزز تطور مراحل المرض، كما أن الإجهاد الشديد كالعمل المتواصل وعدم أخذ قسط من الراحة أو عطلة ولو ليوم واحد قد يؤدي في يوم من الأيام إلى انهيار عصبي أو اكتئاب حاد.